تعريف عقد التأمين في القانون المغربي والمصري وفي الفقه القانوني

يُعرّف عقد التأمين بشكل عام بأنه اتفاق بين طرفين، يُلزم أحدهما وهو "المؤمِّن" بدفع مبلغ من المال أو إيراد أو أي عوض مالي آخر إلى الطرف الآخر وهو "المؤمَّن له" أو المستفيد، في حالة وقوع خطر مُعيّن مُبين في العقد، وذلك مقابل قسط أو اشتراك يدفعه المؤمَّن له. فعقد التأمين يتميز بمقومات فريدة تميزه عن غيره من العقود، وتُشكّل هذه المقوِّمات جوهره القانوني، ومن أبرزها نذكر ما يلي: 
• الطرف المؤمِّن: Assureur
• الطرف المؤمَّن له: Assuré
• الخطر الاحتمالي المؤمن منه: Risque assuré أو Risque couvert
• قسط التأمين أو اشتراك التأمين: Prime d'assurance وقد تولت معظم القوانين المقارنة تعريف عقد التأمين بالاستناد إلى مقوماته القانونية المذكورة.
تعريف عقد التأمين قانونا وفقها
تعريف عقد التأمين في القانون المغربي والمصري وفي الفقه القانوني

تعريف التأمين من الناحية القانونية والفقهية 

قبل التطرق إلى التعريف الجامع المانع للتأمين من طرف جانب من الفقه القانوني، ارتأينا أولا عرض التعريف القانوني له. 

التعريف القانوني للتأمين: القانون المغربي والمصري 

اقتصرنا في عرض التعريف القانوني لعقد التأمين على كل من القانون المغربي والمصري، وذلك على النحو الآتي: 

تعريف عقد التأمين في مدونة التأمينات المغربية 

عرَّفت المادة 1 من مدونة التأمينات(¹) عقد التأمين بأنه: 
"اتفاق بين المؤمِّن والمُكتتِب من أجل تغطية خطر ما. ويُحدِّدُ هذا الاتفاق التزاماتهما المتبادلة"
من خلال هذا التعريف، يتبين أن عقد التأمين يُبرَم لتأمين الشخص من الخطر الذي يهدده سواء في شخصه كما في إبرام تأمين على الحياة أو في ماله كما في إبرام تأمين من المسؤولية أو من الحريق. 
فالمقصود بالمكتتِب هنا هو المُتعاقد الذي يُبرِم عقد التأمين لحسابه (أي لصالحه فيصبح حينئذ مؤمنا له) أو لحساب الغير (فيصير هذا الغير مؤمنا له) ويتحمل الالتزامات الناشئة عن هذا العقد. 
يُلاحظ أن هذا التعريف الذي ساقه المشرع المغربي، يرتكز على العلاقة بين المُؤَمِّن والمؤمَّن له ويقتصر على ذكر العناصر القانونية لعقد التأمين من أطراف العقد والخطر والقسط، وهو تعريف مقبول وصحيح من الناحية القانونية. 
إلا أنه يظل هذا التعريف ناقصاً حيث لم يتعرض للأسس أو العناصر الفنِّية للتأمين، والتي تنظُرُ إليه كعملية جماعية أو عمل تعاضدي يهدف إلى توزيع مجموع الخسائر على مجموع المؤمَّن لهم(²). 


تعريف عقد التأمين في القانون المدني المصري 

جاء هذا التعريف في المادة 747 من التقنين المدني المصري كما يلي: 
"التأمين عقدٌ يلتزمُ المؤمِّن بمقتضاه أن يؤديَ إلى المؤمَّن له، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه، مبلغا من المال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبيَّن بالعقد، وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أُخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمِّن"
ينطبق حديثنا حول التعريف الذي أتى به المُشَرِّع المغربي لعقد التأمين على هذا التعريف الذي جاء به القانون المصري، فالتعريف المصري لعقد التأمين وإن كان وافياً بدوره، إلا أنه يَنظُرُ إلى هذا العقد من أحد جانبيه (جانب العلاقة بين المؤمِّن والمؤمَّن له)، مُتناسيا جانبا آخر لا يقلُّ أهمية عن الأول وهو أن "شركة التأمين لا تُبرم عقد التأمين مع مؤمَّن له واحد أو مع عدد قليل من المؤمَّن لهم، ولو أنها فعلت لكان عقد التأمين مقامرة أو رهانا... ولكن الشركة تتعاقد مع عدد كبير من المؤمَّن لهم... فيفي ما تتقاضاه من المؤمن لهم بما تدفعه من التعويض لبعضهم"(³). 


التعريف الفقهي للتأمين: الفقه القانوني الفرنسي 

لما كانت مُعظم التعريفات الفقهية والقانونية للتأمين ترتكز فقط على المُقومات القانونية التي يقوم عليها عقد التأمين، فإن هناك جانبا من الفقه الفرنسي تجاوز هذا القصور بإعطاء تعريف جامع ومانع. 

تعريف عقد التأمين في الفقه القانوني 

إن التعريف الفقهي الدقيق لعقد التأمين هو الذي أورده الفقيه الفرنسي هيمار - Hémard، حيث يُزاوِج فيه بين النظر إلى العقد من حيث العلاقة ما بين شركة التأمين ومؤمن له بالذات والعلاقة ما بين الشركة ومجموع المؤمن لهم جميعا، ويبرز فيه مقومات التأمين بوضوح. 
فتعريف التأمين من طرف الفقيه هيمار هو كما يلي: 
"عقد بموجبه يحصل أحد المتعاقدين، وهو المؤمن له، في نظير مقابل يدفعه، على تعهد بمبلغ يدفعه له أو للغير، إذا تحقق خطر معين، المتعاقد الآخر وهو المؤمن، الذي يدخل في عهدته مجموعاً من هذه الأخطار يجري مقاصة فيما بينها طبقا لقوانين الإحصاء"

مميزات التعريف الفقهي لعقد التأمين 

يتميز التعريف الذي وضعه الفقه القانوني للتأمين والمذكور مُقدَّما، بما يلي: 
• أولا: ينطبق على جميع أنواع التأمينات، بما فيها تأمينات الأشخاص وتأمينات الأضرار والتأمين التعاوني والتأمين بالأقساط الثابتة. 
• ثانيا: يجمع بين العناصر القانونية والعناصر الفنية للتأمين، حيث لا ينظر إلى التأمين كعقد بل يتجاوز ذلك إلى اعتباره عملية فنية ترمي في مجملها إلى تحمل الأخطار وتوزيع الخسائر بين المؤمن لهم(⁴)، وهو ما يُعرف بالمقاصة(⁵).

آمل أن يكون هذا الموضوع واضحًا ومفيدًا. إذا كان لديك أي أسئلة، فلا تتردد في طرحها في المكان المخصص للتعليقات أسفله.

▪︎ الهوامش
¹- القانون 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.238 في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 2 رمضان 1423 (7 نوفمبر 2002)، الصفحة 3105.
²- الحسين بلوش، شرح مدونة التأمينات، الجزء الأول: عقد التأمين، طبعة 2016، الصفحة 19. 
³- عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني: عقود الغرر (عقود المقامرة والرهان والمرتب مدى الحياة) وعقد التأمين، الجزء 7 - المجلد 2، طبعة 1964، بيروت - لبنان، الصفحة 1090. 
⁴- الحسين بلوش، شرح مدونة التأمينات (الجزء الأول: عقد التأمين)، طبعة 2016، الصفحة 19. 
⁵- فكرة "المقاصة" تعني أن الخسائر الناتجة عن تحقق بعض الأخطار يتم تعويضها من خلال الأقساط المدفوعة من جميع المؤمن لهم.

إرسال تعليق على: "تعريف عقد التأمين في القانون المغربي والمصري وفي الفقه القانوني "