الإنكار الكيدي في الدعاوى القضائية: متى يتحول الحق إلى إساءة؟| محكمة النقض المصرية

    يُعتبر حق الدفاع من الحقوق الأساسية التي يكفلها القانون للأفراد، ويشمل هذا الحق إنكار الدعوى المرفوعة ضدهم. فالإنكار في حد ذاته وسيلة مشروعة لإلزام المدعي بإثبات صحة ادعائه. إلا أن هذا الحق قد يُساء استعماله، فيما يُعرف قانونًا بـالإنكار الكيدي، وهو موضوع هذه المقالة ووفقا لما جاء به حكم لمحكمة النقض المصرية (النسخة أسفله).
الإنكار الكيدي والمشروع للدعوى حسب قضاء محكمة النقض المصرية
الإنكار الكيدي في الدعاوى القضائية: متى يتحول الحق إلى إساءة؟

ما هو الإنكار الكيدي للدعوى؟ 

   الإنكار الكيدي للدعوى هو تجاوز المدعى عليه لحدود الإنكار المشروع، بقصد الإضرار بالمدعي. لا يقتصر الأمر على مجرد عدم الاعتراف بصحة الدعوى، بل يتعداه إلى المبالغة في الإنكار، أو التحايل، أو الكذب، بهدف عرقلة سير الدعوى وتكبيد المدعي خسائر مادية أو معنوية. 
تُعرّف محكمة النقض المصرية في حُكمها المُرْفَق الإنكار الكيدي بأنه حقيقة قانونية تقوم على ثلاثة أركان:
الخروج عن الحدود المشروعة: يتجاوز المنكر حدود حقه في الدفاع، ويسعى للإضرار بخصمه. 
الضرر الفعلي: يلحق بالمدعي ضرر حقيقي نتيجة لهذا الإنكار.
العلاقة السببية: يجب أن تكون هناك علاقة مباشرة بين الإنكار الكيدي والضرر الواقع. أي أن الضرر ناتج عن الإنكار الكيدي تحديدًا. 


الفرق بين الإنكار المشروع والإنكار الكيدي للدعوى

   يكمن الفرق الرئيسي بين الإنكار المشروع والإنكار الكيدي في القصد
فالإنكار المشروع يهدف إلى دفع الدعوى (الدفاع عن الحق) وتكون نتيجته تحمل مصاريف الدعوى في حال الخسارة، بينما الإنكار الكيدي يهدف إلى الإضرار بالخصم(إساءة استعمال الحق)، وتكون نتيجته تحمل مصاريف الدعوى والتعويض عن الضرر. ويُمكن استخلاص القصد وراء الإنكار من طرف المحكمة وفقا لسلطتها التقديرية مع بيان العلل التي استندت إليها فيما توصلت إليه في قضائها. 
متى يُعتبر إنكار الدعوى كيديا؟ 
من الأكيد أنه لا يُعتبر كل إنكار كيديًا. يجب على المحكمة أن تتأكد من توافر الأركان الثلاثة المذكورة أعلاه، ومن الأمثلة على الإنكار الكيدي للدعوى -نظرنا- نذكر ما يلي: 
• إنكار وقائع ثابتة بأدلة قاطعة. 
• تقديم مستندات مزورة أو شهادات كاذبة. 


مسؤولية المنكر الكيدي للدعوى

   إذا ثبت للمحكمة أن إنكار الدعوى كيديٌ، فإنها تحكم على المنكِر بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمدعي نتيجة لهذا الإنكار. يشمل التعويض المصاريف التي تكبَّدها المدعي في الدعوى، بالإضافة إلى التعويض عن أي أضرار أخرى لحقت به، سواء كانت مادية أو معنوية. 
يُشير الحُكم المُرفَق (أسفله) إلى أن الحكم الذي يقضي بمسؤولية الخصم عن الأضرار الناشئة عن إنكاره، يجب أن يستند إلى أدلة واقعية وظروف محيطة تُثبت الكيدية، ولا يقتصر على مجرد تصديق مزاعم المدعي. يجب على المحكمة أن تُوازن بين ادعاءات الطرفين وأن تُبين العناصر التي استخلصت منها كيدية الإنكار للدعوى


   يُعتبر الإنكار الكيدي للدعوى خروجًا عن مبادئ حسن النية في التقاضي، ويستوجب المساءلة والتعويض. يجب على المحاكم أن تكون حذرة في تقدير كيدية الإنكار، وأن تستند إلى أدلة قاطعة وظروف محيطة تُثبت القصد الإضراري.

إنكار الدعوى كيديا والتعويض عنه حسب قضاء محكمة النقض
محكمة النقض المصرية: إنكار الدعوى حق للمدعى عليه مالم يتحول إلى إنكار كيدي موجب للتعويض

إرسال تعليق على: "الإنكار الكيدي في الدعاوى القضائية: متى يتحول الحق إلى إساءة؟| محكمة النقض المصرية"