العربون في القانون المدني: بين جواز العدول وضمان إتمام البيع| محكمة النقض المصرية

 يُعدّ العربون من المسائل الهامة في العقود، حيث يُدفع عادةً عند إبرام العقد كضمانة لإتمامه. إلا أن القانون المصري، في المادة 103 من التقنين المدني، يُعطي للعربون دلالة خاصة، حيث يعتبره قرينة على جواز العدول عن العقد، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. هذا ما أكدته محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 816 لسنة 46 قضائية، جلسة 02/12/1980.
العربون المدفوع أثناء إبرام العقد محكمة النقض المصرية
العربون في القانون المدني المصري: بين جواز العدول وضمان إتمام البيع

دلالة العربون في القانون المدني المصري: قرينة على جواز العدول عن العقد 

تنص المادة 103 من القانون المدني المصري على أن "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك". من هذا النص يتضح أن الأصل في دفع العربون هو إعطاء الحق لكلا الطرفين في العدول عن العقد. هذا يُعتبر "قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس"، أي أنه يجوز للطرفين الاتفاق صراحةً أو ضمناً على أن العربون يُقصد به تأكيد العقد والبدء في تنفيذه، وليس مجرد إعطاء حق العدول. 

هذا ما أكدته محكمة النقض في حكمها المُشار إلى مراجعه أعلاه والمعروضة نُسخته أدناه، حيث قررت أن ما معناه أن "دفع العربون قرينة قانونية على جواز العدول عن البيع ما لم يتم الاتفاق على أنه يفيد البت والتأكيد". بمعنى آخر، إذا أراد الطرفان أن يكون العربون دليلاً على إتمام البيع بشكل قطعي، فعليهما النص على ذلك صراحةً في العقد، أو أن يُستخلص ذلك ضمناً من ظروف التعاقد وملابساته. 


سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود 

من المسائل الهامة المتعلقة بالعربون هي كيفية تفسير العقود التي تتضمن شروطاً متعلقة به. فقد أكدت محكمة النقض أن "تفسير العقود من سلطة محكمة الموضوع متى كان تفسيرها ليس فيه خروج عن المعني الظاهر لعباراتها". بمعنى آخر، لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في فهم وتفسير بنود العقد، بما في ذلك البنود المتعلقة بالعربون، بشرط أن يكون تفسيرها متفقاً مع المعنى الظاهر لعبارات العقد، وألا تُحمّل هذه العبارات معانٍ لا تحتملها. 
كما أكدت المحكمة أن "تفسير العقود واستظهار نية طرفيها، هو أمر تستقل به محكمة الموضوع، ما دام قضاؤها يقوم على أسباب سائغة، طالما أنها لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية المتعاقدين عن المعنى الظاهر لعباراته، هي في ذلك لا تتقيد بما تفيده عبارة معينة منها، وإنما بما تفيده في جملتها". هذا يعني أن المحكمة لا تنظر إلى عبارة واحدة بمعزل عن باقي عبارات العقد، بل تأخذ العقد كوحدة واحدة وتفسره في ضوء مجمل نصوصه وظروف التعاقد. 

قرار محكمة النقض المصرية بشأن العربون المدفوع أثناء التعاقد

▪︎ نُسخة من تعليل محكمة النقض بشأن العربون المدفوع أثناء التعاقد:

تسبيق العربون التعاقد محكمة النقض المصرية
قرار محكمة النقض المصرية بشأن العربون المدفوع أثناء التعاقد - الصفحة ١


دفع العربون أثناء إبرام عقد البيع محكمة النقض المصرية
قرار محكمة النقض المصرية بشأن العربون المدفوع أثناء التعاقد - الصفحة ٢

هكذا إذا يُعتبر العربون في القانون المدني المصري قرينة على جواز العدول عن العقد، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في تفسير العقود المتعلقة بالعربون، بشرط أن يكون تفسيرها متفقاً مع المعنى الظاهر لعبارات العقد. من المهم عند كتابة العقود التي تتضمن دفع عربون، أن يُحدد الطرفان بشكل واضح دلالة هذا العربون، هل هو ضمان لحق العدول أم تأكيد لإتمام العقد. هذا يُجنّب الطرفين الوقوع في خلافات أو منازعات قضائية حول تفسير العقد.

إرسال تعليق على: "العربون في القانون المدني: بين جواز العدول وضمان إتمام البيع| محكمة النقض المصرية"