رضاء الحامل بالإجهاض لا يؤثر على الاشتراك في ارتكاب الإجهاض| محكمة النقض المصرية
باسم الشعب
محكمة النقض
دائرة الأحد (د) الجنائية
الطعن رقم 8826 لسنة 93 القضائية
جلسة الأحد الموافق 9 من يونية سنة 2024
____
برئاسة السيد القاضي / منصور القاضي "نائب رئيس المحكمة"
وعضوية السادة القضاة / د. عادل أبو النجا ومحمد عبد الحليم طلبه محمد عبد العليم مهران وإيهاب الهام نوار "نواب رئيس المحكمة"
![]() |
رضاء الحامل بالإجهاض لا يؤثر على الاشتراك في ارتكاب الإجهاض |
• الوقائع:
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنه والمتهم الثالث -سبق الحكم عليه-:- أسقطا عمدًا امرأة حبلى المتهمة الثامنة - سبق الحكم عليها - حال كونهما طبيبين بأن قاما بإجراء عملية جراحية بغية إجهاضها مما ترتب عليه إسقاط جنينها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا، عملاً بالمواد 2/أولاً، 40/ثانيًا وثالثاً، 1/41، 239، 1/244، 2، 261، 262، 263 من قانون العقوبات، مع إعمال مقتضى المادتين 17، 32 من القانون ذاته؛ بمعاقبة / .... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية؛ وذلك بعد أن عدّلت الوصف بإضافة الاتهام الآتي:
- اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع باقي المتهمين جميعًا والسابق الحكم عليهم في ارتكاب الجريمة محل الاتهام الأول بأن اتفقوا على إجهاض المتهمة الثامنة وساعدوه بأن قام المتهم السابع حال وجوده خارج البلاد وبالتواصل مع المتهمة الأولى لاستقبال المتهمة الثامنة وتسهيل إجهاضها فاصطحبتها الأولى والسادس إلى المتهم الثاني والذي أجرى لها التحاليل اللازمة ودلتهم على المتهم الثالث وقام المتهم الخامس بمعاونة المتهم الثالث في إجهاضها وجهز له المعدات الطبية اللازمة وناوله إياها حال الإجهاض فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة حال علمهم جميعا بصفة ووظيفة المتهمين الثالث والرابع "الماثل" على النحو المُبين بالتحقيقات.
وبتاريخ 8 من مارس 2023 قرر المحكوم عليه الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وبتاريخ 15 من أبريل 2023 أودعت مذكرة بأسباب طعنه موقعا عليها من الأستاذ/ .... "المحامي" المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة.
___
• المحكمة:
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونا: حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في اسقاط امرأة حبلى حال كونه طبيبًا قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين الأفعال التي أتاها الطاعن والأدلة التي استخلص منها إدانته في بيان كاف، ولم يستظهر أركان الجريمة التي دانه بها سيما القصد الجنائي في حقه وأطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفائه وحسن نيته، كما لم يعرض أن الإسقاط كان برضاء المجني عليها بدلالة توقيعها على الإقرار قبل اجراء العملية، ولم يدلل على الاتفاق بينه وباقي المتهمين على ارتكاب الجريمة، وأن ما أتاه كان استعمالا لحق مقرر في القانون، وعول على التحريات رغم عدم جديتها وعدم تحديدها دوره في ارتكاب الواقعة، وخلو الأوراق من دليل يقيني قبله، والتفت عن دفاعه بانتفاء صلته بالواقعة إذ اقتصر دوره على تخدير المتهمة الثامنة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير الطب الشرعي وإقرار المتهمتين الأولى والثامنة، وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون، وكان من المقرر أن الركن المادي لجريمة الإجهاض يتحقق بكل فعل من شأنه أن يؤدي إلى موت الجنين أو خروجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، وأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتوافر عندما يعلم الجاني أن المرأة حامل وأن من شأن فعله إحداث الإجهاض وأن يتوقع وقت فعله حدوث النتيجة الإجرامية وهي موت الجنين، وكان ما أورده الحكم في مدوناته سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو مضمون أدلة الثبوت التي عول عليها تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان رضاء الحامل بالإسقاط لا يؤثر على قيام الجريمة، كما أن للنفس البشرية حرمة لا تُستباح بالإباحة، فإن ذهاب المجني عليها برضاها لإجراء عملية الإسقاط لا يؤثر على قيام هذه الجريمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم حسبما سلف بمدوناته للتدليل على اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة إسقاط امرأة حبلى عمدًا من شأنها أن تؤدي إلى ثبوتها في حقه، ذلك أن الاشتراك بالاتفاق والمساعدة إنما يتحقق - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلا مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناط لعقاب الشريك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى وأفصح الحكم عن استدلاله بها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المُقررة، فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله وأيا كانت درجة جسامة الخطأ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال شاهدي الإثبات والتقرير الطبي الشرعي وإقرار المتهمين الأولى والثامنة وعول عليهم في إثبات خطأ الطاعن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة، رغم عدم جديتها في التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، مما يخرج عن رقابة محكمة النقض، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان تقدير الدليل موكولا إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون جدلًا في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بانقطاع صلته بالجريمة لعدم تدخله في إجراء العملية الجراحية وأن دوره اقتصر على تخدير المجني عليها فقط مردودًا بأن هذا الدفاع إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم واطمأنت إليها المحكمة ويُعد من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردًا صريحًا، بالإضافة إلى ذلك، وحتى يتم تدليل الحكم ويستقيم قضاؤه، يجب أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه الموضوعي لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
إرسال تعليق على: "رضاء الحامل بالإجهاض لا يؤثر على الاشتراك في ارتكاب الإجهاض| محكمة النقض المصرية"
✍ شَارك رأيك ⌨ مع مُجتمع مركز القانون العربي 🎯
☜ يُرجى الالتزام بقواعد التعليقات ⚠. التعليقات التي تحتوي على إساءة أو تشهير أو دعاية أو محتوى مسيء لن يتم نشرها بعد المراجعة اليدويّة.