هل قول حسبي الله ونعم الوكيل يعاقب عليه القانون؟

"حسبي الله ونِعم الوكيل" تُعدّ هذه العبارة، في نظر الشريعة الإسلامية السمحة، من قبيل الدعاء واللجوء إلى الله وتفويض الأمر إلى الله عز وجل وطلب النصرة منه، كما ورد في قوله تعالى: 
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]. 
وقد استشهد بها الأئمة والعلماء عبر العصور، مؤكدين على استحبابها في كل موطن، فهي تعبر عن صدق اللجوء إلى الله في مواجهة الشدائد، ولا تحمل أي إساءة، وهي لسانُ حال المُستضعف الذي لجأ إلى خالقه بعد أن ضاقت به الحِيَلُ. 
إلا أن الأمر قد يختلف في نطاق القوانين الوضعية، حيث يُنظر إلى العبارات والأفعال في سيّاقها المحدد.
من هنا، يثور التساؤل: كيف يمكن التوفيق بين المفهوم الشرعي لهذه العبارة وبين تطبيقاتها القانونية؟ وهل هناك معايير محددة يمكن الاستناد إليها لتحديد ما إذا كانت هذه العبارة تُعدّ فعلًا يستوجب العقاب؟ هذا ما سنسعى لتوضيحه في هذا المقال.
الجواب أن كلمة حسبي الله ونعم الوكيل لا تعتبر جريمة يحاسب عليها القانون.

الرأي القانوني حول قول حسبي الله ونعم الوكيل 

لا يوجد قانون في أي دولة - سواء في الدول المغاربية أو العربية - يُعاقب أو يُحاسِب على قول "حسبي الله ونعم الوكيل". هذه العبارة، في جوهرها، دعاء وابتهال إلى الله، ولا تتضمن في جوهرها أيّ سب أو قذف أو إساءة. 


متى يعاقب القانون على قول حسبي الله ونعم الوكيل؟ 

يجب أن نضع في الاعتبار ما يلي: 

• السياق يُغير الحكم: إذا استخدمت هذه العبارة في سياقٍ مُقترن بإساءَة أو إهانة أو إنسابِ واقعة يُعاقب عليها القانون، أو إذا كانت مصحوبةً بتهديد أو وعيد يُعاقِبُ عليه القانون، فإنها تُعتبر تجاوزًا لمجرد الدعاء، وتدخل في نطاق التجريم، وبالتالي يستحقُّ عنها الجزاء، وتعويض الضرر. 

▪︎ أمثلة توضيحيّة:
  1. مثال على الاقتران بإساءة أو إهانة: شخص يقول لآخر: "حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا حِمار". هنا، العبارة لم تعد مجرد دعاء، بل أصبحت جزءًا من سباب وإهانة.
  2. مثال على إنساب واقعة يُعاقب عليها القانون: شخص يقول لآخر: "حسبي الله ونِعم الوكيل فيك يا قاتِل". هنا، العبارة تتهم الشخص الآخر بارتكاب جريمة قتل، وهذا يعتبر قذفًا يستوجب العقاب في حالة ما إذا ثبت أن الشخص ليس بقاتِل. 
  3. مثال على التهديد أو الوعيد: شخص يقول لآخر: "حسبي الله ونِعم الوكيل فيك... إذا لم تدفع لي نقودي فسوف ترى ما سيحل بك من بلاء، لن تنعم بعده براحة البال". هنا، العبارة تتضمن تهديدًا مبطنًا بإلحاق الأذى بالشخص الآخر إذا لم ينصع لأوامره. 

السُّلطة التقديرية للقاضي: تقدير ما إذا كانت أي عبارة تشكل جريمة أم لا يدخل في صميم السلطة التقديرية لمحاكم الموضوع. فهي التي تقرر، بناءً على ما راج أمامها من الأدلة والقرائن، ما إذا كان القولُ يندرج تحت طائلة القانون الجنائي/الجزائي أم لا. 


بعض التطبيقات القضائية للمحاكم حول قول حسبي الله ونعم الوكيل 

• في الأردن: قضت محكمة بداية الطفيلة بصفتها الاستئنافية في حكم رقم 34 لسنة 2020 بعدم مسؤولية المشتكى بِهِنَّ عن تهمة نشر عبارة "حسبي الله ونعم الوكيل"؛ لأنها لا تشكل إساءة للمشتكي. 
• في الكويت: أوضحت محكمة التمييز في حكم لها أن عبارة "حسبي الله ونعم الوكيل فيكم" لا تعتبر جريمة سب وقذف، بل هي دعاء بأن يُكافئ الله صاحب الدُّعاء الشر. 


الخُلاصة، أنَّ قول "حسبي الله ونِعم الوكيل" جائزٌ شرعًا وقانونًا، ولا يُعاقب عليه القانون في ذاته. لكن، يجب على المرء أن يُدرِكَ أن استخدامَها وهي مقترنة أو مصحوبة بأقوال أو أفعال معيَّنة قد يُخرِجُها عن هذا المعنى. 

ミ نشكُركَ على قراءة هذا المقال. نأملُ أن يكون قد نال إعجابك. شاركنا أسئلتك وأفكارك وتعليقاتك في قسم التعليقات أدناه. رأيُك يهُمّنا!
الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق