القصد الجنائي في جريمة السرقة أو الشروع فيها وفق قضاء المحكمة العليا العُمانية
❏ وقائع القضية:
تتحصّل وقائع القضية في إقدام شخصين بتاريخ 2018/4/4 على عرض شراء قطع حديدية على شخص تاجر يعمل في محل مخصص لبيع الخردة، فذهب بمعيَّتهما إلى مكان وجودها ومعهم أدوات تقطيع ومركبة لنقل تلك القطع، ويتعلق مكان وجودها بمنزل قيد الإنشاء، مملوك للغير.
أحال الادعاء العام المتهمين إلى المحكمة الابتدائية بصلالة (الدئرة الجزائية) بدعوى محاولتهم سرقة مجموعة قطع من الحديد المملوكة للغير (مُتنازل)، إذ، وفق الثابت بالتحقيقات، توجهوا إلى موقع منزله (قيد الإنشاء) الذي وُضعت فيه تلك القطع إلا أن فعلهم خاب بسبب ضبطهم من قبل المجني عليه مُتلبِّسين بالجُرم.
وقد طالب الإدعاء العام بمعاقبتهم بالمادة 342/د بدلالة المادة 348 من قانون الجزاء.

❏ قضاء المحكمة الابتدائية بشأن القضية:
حكمت المحكمة حضوريا، بإدانة المتهمين الثلاثة بجنحة الشروع في السرقة، وقضت بمعاقبتهم بالسجن سنة ومصادرة المضبوطات وإبعادهم بصفة دائمة وإلزامهم المصروفات، وذلك بجلسة تاريخ 2018/05/08.
لم يحز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليهم، فاستأنفوه أمام محكمة الاستئناف بصلالة (دائرة الجنح المستأنفة).
❏ قضاء محكمة الاستئناف بشأن القضية:
قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافات شكلا، وموضوعا بتعديل الحكم المُستأنف بالاكتفاء بمعاقبة كل متهم بالسجن 3 أشهر والتأييد فيما عدا ذلك مع إلزام كل مستأنف مصروفاته، وذلك بجلسة 2018/10/15.
لم يَرتض المحكوم عليه الأول ما قضت به هذه المحكمة استئنافيا، وبتاريخ 2018/11/19 طعن فيه بالنقض أمام المحكمة العُليا.
وقد نعى الطاعن (المحكوم عليه الأول) على الحكم المطعون فيه أنه حينما قضى بإدانته بجنحة الشروع في السرقة وفق لمقتضياتها في قانون الجزاء فإنه جاء مخالفاً للقانون ومُخطئا في تطبيقه وتأويله ومشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، لأنه لم يستظهر القصد الجنائي ومدى توافره في حقه، إذ هو تاجر خردة يبيع ويشتري فيها بمحله، ولم يكن يعلم ،حينما عرض عليه المتهمان الثاني والثالث شراء تلك القطع الحديدية، أنها مسروقة، لذلك ذهب بمعيتهما عن حسن نية إلى مكان وجودها بالمنزل قيد الإنشاء لأجل نقلها بواسطة مركبته معتقدا أنها في ملكيتهما، وأن دفاع الطاعن قد تمسك بهذا الدفع طيلة مرحلة التحقيق معه في الدعوى (من مرحلة الاستدلال إلى مرحلة المحاكمة).
وبذلك لَم تُتحقق المحكمة من ركن العلم لدى المتهم، رغم أن القانون أوجَب لتجريم فعل السرقة أن يكون الجاني على علم بأن المنقولات محل السرقة مملوكة للغير (المجني عليه)، وأن مجرد وجوده في مسرح الجريمة ليس دليلا على تحقق هذا الرُّكن خاصة وأن وجوده هناك كان بحسن نيّة وبغاية الشراء وليس للسرقة، مُعزِّزا دفاعه بما اعترف به المتهمين الثاني والثالث في التحقيقات وأمام المحكمة والذي ينفي عنه سوء النية.
وأن المحكمة لما التفتت عن هذا الدفع، ولم تُحقق الدعوى بصورة واقعية يكون ما قضت به معيبا ويتعين نقضه.
وقد طلب الادعاء العام من المحكمة العليا قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
❏ قضاء المحكمة العليا بشأن القضية:
وفي الموضوع، اعتبرت المحكمة العليا:
- أن الثابت من ما ساقته محكمة الموضوع بشأن الواقعة وأدلتها يُفيد توافر أركان جريمة الشروع في السرقة وذلك بشكل كاف وسائغ للقول بتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن بأدلة سائغة مستمدة من واقعة ضبطه والمتهمين الآخرين وهم يقومون بتقطيع قطع الحديد إلى أجزاء صغيرة تمهيدا لنقلها في المركبة التي أحضرها الطاعن وباستخدام الأدوات التي جلبها هذا الأخير لهذا الغرض، وثبوت ملكية تلك القطع المسروقة للمجني عليه من واقع وجودها في موقع منزله قيد الإنشاء، فضلا عما أثبته محضر المُعاينة والصور الفوتوغرافية المُرفقة بالدعوى.
- أن ما تمسك به الطاعن ما هو إلا جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل ووزن البيِّنات، وهو ما لا تجوز إثارته أمام المحكمة العليا، بما يتعين معه رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات استنادا للمادة 225 من قانون الإجراءات الجزائية.
أصدرت المحكمة العُليا حكمها بقبول الطعن شكلا.
❏ القاعدة التي استدلت بها المحكمة العليا:
القصد الجنائي في جريمة السرقة أو الشروع فيها هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يُشترط تحدُّث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جنحة الشروع بالسرقة بكافة أركانها كما هي معرَّفة به في القانون.
إرسال تعليق على: "القصد الجنائي في جريمة السرقة أو الشروع فيها وفق قضاء المحكمة العليا العُمانية"
✍ شَارك رأيك ⌨ مع مُجتمع مركز القانون العربي 🎯
☜ يُرجى الالتزام بقواعد التعليقات ⚠. التعليقات التي تحتوي على إساءة أو تشهير أو دعاية أو محتوى مسيء لن يتم نشرها بعد المراجعة اليدويّة.